شبكة قنديل الاخبارية

مجلة الإيكونوميست : بعد عام من الحرب السودان دولة فاشلة ‏ -تقرير خاص م

مجلة الإيكونوميست : بعد عام من الحرب السودان دولة فاشلة ‏ -تقرير خاص
مصدر الخبر / السودان نيوز
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
‏تقرير خاص – (الإيكونوميست) – جريدة الغد
الدمازين : شبكة قنديل الإخبارية
‏نصف مليون إنسان قد يموتون من الجوع في السودان إذا لم يتم توفير مساعدة عاجلة.‏
الفاشر‏، السودان -‏‏ أصبح الأمر نوعًا قاتمًا من لعبة تخمين ساذجة. ما هي الدولة التي لديها أكبر عدد من اللاجئين الداخليين في العالم؟ أكبر عدد من الناس الذين يواجهون خطر المجاعة؟ وأين تتحمل وكالات الإغاثة العبء الإنساني الأكبر، لكنها كانت تفتقر حتى وقت قريب إلى 95 في المائة من التمويل الذي تحتاجه؟ الجواب ليس، كما قد يفترض الكثيرون، غزة أو أوكرانيا. إنه السودان.‏
عندما بدأ الصراع في ثالث أكبر دولة أفريقية قبل عام تقريبًا، ربما كان البعض يعتقدون– خطأ- أنه معركة واضحة بين جنرالين، يتنافس كل منهما على السيطرة على الدولة المركزية. من جهة، ثمة القوات المسلحة السودانية‏‏ بقيادة‏‏ الجنرال عبد الفتاح البرهان. ومن جهة ‏‏أخرى، هناك “قوات‏‏ الدعم السريع”، الوحدة شبه العسكرية تحت قيادة محمد حمدان دقلو (أحد أمراء الحرب الدارفوريين المعروف عالميًا باسم حميدتي). وحتى بعد ‏‏اندلاع القتال‏‏ في العاصمة، الخرطوم، وانتشاره بسرعة إلى دارفور، ظل بعض المراقبين يتصورون الصراع على أنه شيء يمكن احتواؤه، أو أن الجانبين سيصلان إلى طريق مسدود، ثم يبرمان اتفاقًا لتقاسم السلطة.‏

بدلاً من ذلك، تحول الصراع إلى ‏‏حريق على مستوى البلاد‏‏ كلها، واسع النطاق وفوضوي بحيث يمكن أن يزعزع استقرار العديد من جيران السودان. وإذا كانت هناك في بداية الصراع كتلتان مسلحتان متماسكتان إلى حد كبير تحت قيادة معينة، فقد أصبحت هناك الآن فسيفساء من المليشيات وحركات التمرد المتنافسة، التي لكل منها مصالحها وأجنداتها الخاصة. وتتدفق على البلاد الأسلحة والمرتزقة عبر الحدود من تشاد وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وعبر البحر الأحمر. بل إن مقاتلين من أماكن بعيدة مثل روسيا وأوكرانيا انضموا إلى القتال. ومع عدم تمكن أي من الجانبين من توجيه ضربة حاسمة إلى الآخر، بدأت كل من ‏‏القوات المسلحة السودانية‏‏ ‏‏و”قوات الدعم السريع”‏‏ في الانشقاق. ويقول توم بيرييلو، المبعوث الأميركي الخاص المعين حديثاً، بقلق: “إننا نندفع نحو دولة فاشلة. ثمة خطر حقيقي من حدوث انتكاسة من 20 إلى 25 عامًا لشعب السودان والمنطقة الأوسع”.‏
لكن التهديد الأكثر إلحاحًا الآن هو خطر المجاعة الجماعية. يقول مايكل دانفورد، رئيس برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم ‏‏المتحدة‏‏ في شرق أفريقيا: “الوضع كارثي. عندما ننظر إلى الحجم والنطاق الهائلين، فإننا نشعر بقلق شديد بشأن الاتجاه الذي يتجه إليه كل هذا”.‏
في 15 نيسان (أبريل)، تعهد المانحون بتقديم نحو 2.1 مليار دولار لتمويل الجهود الإنسانية في البلد. ومع ذلك، ربما يكون هذا متأخرًا ويكون الأوان قد فات مسبقًا على تجنب المجاعة التي من المتوقع أن تسفر عن مقتل 500.000 شخص، وفقًا “للسيناريو الأكثر احتمالاً” في دراسة أجراها مركز الأبحاث الهولندي “معهد كلينغندايل”. وفي توقعات السيناريو “المتطرف”، قد يهلك ما يصل إلى مليون شخص. بسبب الحرب، لم تجمع أجزاء كبيرة من السودان -ولا سيما إقليم دارفور- أي محصول تقريبًا في العام 2023. وقد انهار الإنتاج الوطني من الحبوب بمقدار النصف تقريبًا. وارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية بنسبة تصل إلى 83 في المائة. ومن المتوقع أن تزداد هذه الاتجاهات سوءًا مع وصول القتال الآن إلى ولاية “الجزيرة” التي تعتبر سلة الخبز للسودان.‏

وعلى الرغم من أن ‏‏الأمم المتحدة‏‏ لم تعلن بعد عن حدوث المجاعة، إلا أن قلة من الخبراء يشككون في أن المجاعة قد وصلت بالفعل في أجزاء كثيرة من السودان. وفي المناطق الأكثر تضررًا، بما في ذلك العاصمة، يأكل الناس أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة. وقد بدأ الأطفال يموتون فعليًا بسبب سوء التغذية أو الأمراض ذات الصلة. ولم تعد حوالي 70 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المنكوبة بالحرب تعمل، وفقًا لديبمالا ماهلا من مجموعة الإغاثة الدولية، منظمة “‏‏كير”‏‏. وخلال معظم العام الماضي، قال اللاجئون الذين وصلوا إلى تشاد، المتاخمة لدارفور، أنهم يفرون من حملة التطهير العرقي المخيفة التي شنتها “قوات ‏‏الدعم السريع”‏‏ والمليشيات العربية المتحالفة معها ضد الأفارقة السود المحليين. والآن يقول الوافدون الجدد لعمال الإغاثة أنهم يفرون من الجوع.‏
‏يقوم كلا جانبي الصراع بعرقلة المساعدات الإنسانية، حيث يهاجم ‏‏مقاتلو “قوات الدعم السريع”‏‏ بانتظام شاحنات المساعدات وينهبون مستودعات المنظمات ‏‏غير الحكومية‏‏. وفي شباط (فبراير)، منعت ‏‏القوات المسلحة السودانية‏‏ وكالات الإغاثة من تسليم الإمدادات عبر تشاد. ومنذ ذلك الحين تراجعت عن ذلك جزئيًا، لكنها استمرت في حجب التأشيرات وتصاريح السفر عن العاملين في الإغاثة. ويشير مسؤول في ‏‏الأمم‏‏ المتحدة إلى أن عبور الخطوط الفاصلة بين الأراضي التي تسيطر عليها ‏‏القوات المسلحة السودانية‏‏ ‏‏و”قوات الدعم السريع”‏‏ لتقديم المساعدات هو شأن “مرهق ويستغرق وقتًا طويلاً عن عمد”. ونتيجة لذلك، انقطعت إمدادات الطوارئ عن مناطق بأكملها لعدة أشهر. وكما يقول أليكس دي وال، الخبير في المجاعات في جامعة تافتس، فقد “كانت الأزمات الغذائية السابقة في السودان محلية. والآن نشهد شيئًا لم نشهده منذ القرن 19: حالة طوارئ غذائية على مستوى البلاد”.‏
‏ولنتأمل ما يحدث في الفاشر، عاصمة شمال دارفور وآخر معقل رئيسي للقوات ‏‏المسلحة‏‏ السودانية في الغرب. قبل الحرب، كانت المدينة ملاذًا لأولئك الفارين من العنف والجوع في أماكن أخرى: وقد لجأ عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف من المدنيين إلى هناك منذ الجولة السابقة من التطهير العرقي في دارفور قبل 20 عامًا. ومع ذلك، أصبحت المدينة هذه الأيام صورة مصغرة للفوضى السائدة في الأماكن الأخرى من السودان. من الناحية النظرية، ما يزال الجيش الوطني هو الذي يحتفظ بالسلطة، مع وجود عدة آلاف من الجنود المتحصنين في ثكنات وسط المدينة. أما في الواقع، فإن المتمردين من جماعة “الزغاوة” العرقية المحلية هم الذين يوفرون معظم الأمن، في حين تخضع الكثير من الضواحي لسيطرة ‏”‏قوات الدعم السريع”‏‏ والمليشيات التابعة لها. ويعني العبور من جانب من المدينة إلى آخر التنقل عبر نقاط تفتيش متعددة، كل منها تديره جماعة مسلحة مختلفة. وعلى الرغم من أن ‏‏القوات المسلحة السودانية‏‏ تشن غارات جوية متكررة على مواقع “‏‏قوات الدعم السريع”‏‏، فإنها غالبًا ما تنتهي بضرب المناطق المدنية، بما في ذلك تلك الخاضعة لسيطرة الجيش.‏

‏مع كون التنقل داخل الفاشر وخارجها وحولها مكلفًا وخطيرًا للغاية، تصبح الحياة في الداخل يائسة. وتقول جوستين موزيك من “منظمة التضامن الدولية”، وهي جمعية خيرية إنسانية فرنسية: “لقد تأخرنا كثيرًا بالفعل”. فقد أصبحت حمى الضنك والملاريا متفشية. وكل ساعتين في مخيم زمزم للاجئين على الجانب الجانب الجنوبي الغربي، يموت طفل بسبب نقص الغذاء أو غياب الرعاية الطبية، كما تقول منظمة “أطباء بلا حدود”، وهي جمعية خيرية فرنسية أخرى. ومع تدفق الوافدين الجدد على المدينة من أجزاء أخرى من دارفور، تتضاءل الإمدادات الأساسية. وعلى الرغم من أن الغذاء ما يزال متوفرًا في السوق، فإن ثمن كيس الأرز يمكن أن يبلغ ما يقرب من ثمانية أضعاف ما كان عليه قبل الحرب.‏
‏وفي أجزاء كبيرة من البلاد، يغتصب الجنود من كلا الجانبين النساء والفتيات، في بعض الحالات بسبب انتمائهن العرقي. وفي ولاية الخرطوم وحدها، وقعت أكثر من 1.000 حالة اغتصاب، وفقًا للمحامين والأطباء. وتصف غادة عباس، ناشطة حقوق الإنسان التي فرت مؤخرًا من السودان، حادثة انتهك فيها الجنود ثلاث شقيقات تتراوح أعمارهن بين 12 و16 و18 عامًا في أم درمان، وهي مدينة قريبة من العاصمة. وعلى الرغم من أن الناس سمعوا صرخاتهن، “لم يجرؤ أحد على الخروج”، كما تقول.‏
ثمة، في أماكن أخرى، بعض العلامات التي تبعث على الأمل. هناك محادثات سرية لوقف إطلاق النار تجري في العاصمة المصرية، القاهرة. كما ستستأنف عملية تفاوض منفصلة تدعمها الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية قريبًا. ومع ذلك، تمكن الجيش النظامي في الأسابيع الأخيرة من تقويض بعض المكاسب السابقة التي كانت قد حققتها “‏‏قوات الدعم السريع”‏‏ في الخرطوم، مما أثار الآمال بين مؤيديه في تحقيق نصر حاسم. وقبل أسابيع قليلة فقط كانت ‏‏”قوات الدعم السريع”‏‏ هي التي بدت منتصرة. وكما تقول خلود خير، من “مؤسسة الملتقى الاستشارية”، وهي مؤسسة فكرية سودانية، فإن “ما يبدو عليه هذا الآن هو لعبة كراس موسيقية”، وليس تغييرًا حقيقيًا. ومع إصرار كل من الجانبين على كسب اليد العليا، فإن فرص السلام ضئيلة للغاية.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: After a year of war, Sudan is a failing state

اخبار البحر الاحمر اخبار الخرطوم اخبار الفاشر اخبار دارفور اخبار شمال دارفور اخبار مصر الجيش حميدتي عبدالفتاح البرهان
عن مصدر الخبر

السودان نيوز
شاهد جميع الاخبار المنشورة من هذا المصدر
قد يعجبــــك أيضـــاً

السودان الان • السودان عاجل
«الدعم السريع»: «طائرات مُسيرة» قصفت محطة ضخ النفط بالعيلفون
تم النشر منذُ 8 دقائقمصدر الخبر / موقع التغيير

السودان الان
ابرز عناوين الصحف السودانية اليوم الاربعاء 8 مايو 2024م
تم النشر منذُ 41 دقيقةمصدر الخبر / المشهد السوداني

السودان الان • السودان عاجل
«مقاومة الخرطوم» تتهم الدعم السريع باعتقال «الترس معاوية»
تم النشر منذُ ساعة واحدةمصدر الخبر / موقع التغيير

السودان الان • السودان عاجل
قناة امريكية : بعد الفيديو المتداول.. ما مصير العلاقات السعودية السودانية؟
تم النشر منذُ ساعتينمصدر الخبر / قناة الحرة

السودان الان • السودان عاجل
المبعوث الأمريكي: ملايين النساء والأطفال بالسودان يواجهون خطر الجوع
تم النشر منذُ ساعتينمصدر الخبر / موقع التغيير

السودان الان • السودان عاجل
ما حقيقة الاخبار المتداولة حول مقـ..ـتـ..ل القائد قجه ؟
تم النشر منذُ 3 ساعاتمصدر الخبر / راديو دبنقا

السودان الان • السودان عاجل
Middle East Eye البريطاني : هل تنقل روسيا رهاناتها في السودان للجيش بدلاً من الدعم أم تقيم علاقة مع العدوين معاً؟
تم النشر منذُ 3 ساعاتمصدر الخبر / السودان نيوز

السودان الان • السودان عاجل
تفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية في مخيم للنازحين بولاية وسط دارفور
تم النشر منذُ 3 ساعاتمصدر الخبر / قناة الجزيرة
أضف تعليقـك
التعليق

الاسم *
البريد الإلكتروني *
نشـــــــط الآن

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.