شبكة قنديل الاخبارية

وماذا بعد فشل لقاء البرهان وحميدتي ….؟؟؟؟

وماذا بعد فشل لقاء البرهان وحميدتي ….؟؟؟؟

الروصيرص : شبكة قنديل الإخبارية

الخطوات المستقبلية للدبلوماسية الإفريقية والدولية تتجه إلى جدولة لقاء جديد بداية هذا العام بين البرهان وحميدتي، هناك أنباء تشير إلى مساعٍ من إيغاد في هذا الاتجاه تدعمها جهود أمريكية، لترتيب لقاء على مستوى قمة إيغاد لحسم الموقف من إطلاق النار.

ارتفع سقف الآمال وتفاءل كثيرون بأن السودانيين سيعبرون عام 2023 وقد أودعوا الحرب صفحتَه، وذلك بعد الإعلان عن لقاء بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان حميدتي يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو اللقاء الذي جرى ترتيبه بواسطة الهيئة الحكومية للتنمية إيغاد، وهدف إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في السودان، لتبدأ بعده عملية تفاوضية شاقة للوصول إلى تسوية قضية الحرب في السودان.

لم تمضِ 48 ساعة من الإعلان عن اللقاء حتى أصدرت الخارجية السودانية بياناً أشارت فيه إلى تعذر اللقاء لأسباب فنية حسب رسالة تَسَلمتها الخارجية السودانية من سكرتير منظمة إيغاد ورقيني قبيهو.

جرى ترتيب هذا اللقاء بعد الإعلان رسمياً عن توقف “منبر جدة” لفشل الأطراف في التوصل إلى اتفاق حول أي من القضايا المطروحة في الأجندة، وجاءت المسارعة بعقد لقاء قمة بين البرهان وحميدتي أيضاً بعد جدل متطاول في أروقة الدبلوماسية السودانية حول مواقف دول المنظمة من الحرب الدائرة في السودان، ما جعل السودان يهدد بالانسحاب من المنظمة إذا استمرت في سياساتها المنحازة إلى التمرد حسب رأي الحكومة السودانية.

واندلع التوتر بين السودان وإيغاد في يوليو/تموز الماضي عندما انسحب وفد السودان من قمة زعماء دول المنطقة التي عقدت في العاصمة الإثيوبية احتجاجاً على تولي الرئيس الكيني وليام روتو رئاسة اللجنة الرباعية لإيغاد المعنية بحل الأزمة السودانية بعد اتهامه بعدم الحياد، ولوّح السودان بتعليق عضويته في المنظمة الإفريقية التي كان أبرز مؤسسيها عام 1986.

وعقب تأزّم المواقف الدبلوماسية نشطت مبادرات إقليمية ووساطات أمريكية لاستئناف الحوار تحت مظلة إيغاد، وبدأت مرحلة جديدة جرى تدشينها بجولة الرئيس البرهان لثلاث من دول إيغاد هي إثيوبيا وكينيا وجيبوتي، وإيغاد هي منظمة إفريقية إقليمية لها تدخلات سابقة في الشأن السياسي السوداني.

أهم ما أشارت إليه الخارجية السودانية في ردها على بيان منظمة إيغاد أن إعلان موافقة رئيس الجمهورية على وقف إطلاق النار ولقاء قائد الدعم السريع، جرى بناء على شروط أعلنها السودان في خطاب الرئيس البرهان الذي أكد فيه بالقمة ذاتها، على “أن أولويات حل الأزمة تتمثل بتأكيد التزام إعلان جدّة للمبادئ الإنسانية ووقف إطلاق النار وإزالة معوقات تقديم المساعدات الإنسانية، على أن يعقبه إطلاق عملية سياسية شاملة تستند إلى إرادة وطنية خالصة، للتوصل إلى توافق وطني حول إدارة الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات العامة”.

في أعقاب تحركات دبلوماسية كثيفة هدفت إلى حل الأزمة بين إيغاد والسودان قادتها أمريكا، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في 21 ديسمبر/كانون الأول 2023 عن لقاء بين الرئيس البرهان وقائد الدعم السريع تحت مظلة إيغاد، وهو اللقاء الذي سيلتزمان فيه وقفاً شاملاً ودائماً لإطلاق النار، ومن ثم أصدرت إيغاد بياناً، أكدت فيه أن اللقاء الذي جرت الموافقة عليه من قبل الطرفين سيُعقد في جيبوتي في تاريخ 27 من الشهر الماضي.

وأكد الرئيس البرهان الخبر في حشد عسكري بولاية البحر الأحمر شرق السودان، حين أعلن عن إمكانية الانخراط في مفاوضات مع قوات الدعم السريع مشترطاً لمقابلة حميدتي خروج الدعم السريع من المنازل والأعيان المدنية وذلك قبل عقد هذا الاجتماع.

ما إن بدأت الاستعدادات للقاء الجنرالين حتى انطلقت المنصات المختلفة في بث أخبار أن اللقاء لن يتم، وتسلمت الخارجية السودانية الرسالة التي أشرنا إليها أعلاه والتي أعلنت فيها منظمة إيغاد عن تعذر اللقاء لما وصفته بالأسباب الفنية، وانتهى أمر اللقاء المتوقع إلى تصريحات مبهمة تشير إلى مساعٍ لعقد لقاء آخر مطلع هذا العام بحضور رؤساء كل دول إيغاد.

البندان الأساسيان اللذان أعلن عنهما كأجندة للحوار بين الرئيس البرهان وقائد قوات الدعم السريع هما وقف إطلاق النار وتأكيد التزامات جدة، وكلا البندين جرى الحوار حوله في جدة من دون الوصول إلى نتائج، إذ عجز الوسطاء عن إلزام قوات الدعم السريع بتنفيذ أي من البنود التي تضمنها اتفاق جدة.

وبدأت التساؤلات تطرح حول الجديد الذي يمكن أن تفضي إليه المحادثات الثنائية في القمة إذا تمت في ظل تباعد المواقف وتمسك كلا الطرفين بموقفه، لا سيّما أن التقدم الذي أحرزته قوات الدعم السريع في الحرب من خلال تقدمها واستيلائها على ثاني أكبر المدن السودانية (مدني) في 21 ديسمبر/كانون الأول 2023، جعلها في وضع أفضل على طاولة المفاوضات مما يدفعها إلى مزيدٍ من التشدد برفع سقف مطالبها وفرض شروطها

الوضع على الأرض يشهد استمرار المعارك في كل أنحاء السودان وبخاصة في الخرطوم ونيالا في غرب السودان، وتحتشد قوات ضخمة على تخوم مدينة مدني لتحريرها بينما تشهد المدن والأرياف حملات جماهيرية واسعة عُرفت باسم المقاومة الشعبية.

وتتكاثف الدعوات لحمل السلاح وبدأ بالفعل تسليح المواطنين من بعض فرق الجيش بالولايات، كما لجأ المستنفرون إلى شراء الأسلحة من مواردهم الخاصة مما زاد الأوضاع تأزماً وتصاعدت الضغوط على القيادة العسكرية التي تبدي مخاوفها من انفلات حمل السلاح بين المواطنين غير المدربين، لكنها عاجزة عن إيقاف الدعوات لحمل السلاح بسبب الممارسات التي تنتهجها قوات الدعم السريع عقب اجتياح المدن والقرى من نهب وسلب واغتصاب وقتل المواطنين العزل.

في ظل هذه الأوضاع المتدهورة، لن تستطيع قيادة الجيش تقديم تنازلات حالياً في المفاوضات مع الدعم السريع متى ما انعقدت، كما يغري تقدم قوات الدعم السريع قادتها بعدم الاستجابة لأي من مطالب الجيش، وعليه لا يمكن توقع نتائج إيجابية يمكن أن تحدث تغييراً في مسار الحرب أو وقف إطلاق النار حتى لو انعقد لقاء بين الرئيس البرهان وقائد الدعم السريع في أجواء مشحونة، والتعبئة على أشدها من كلا الطرفين.

مسارات الحراك الدبلوماسي

الخطوات المستقبلية للدبلوماسية الإفريقية والدولية تتجه إلى جدولة لقاء جديد بداية هذا العام بين البرهان وحميدتي، هناك أنباء تشير إلى مساعٍ من إيغاد في هذا الاتجاه تدعمها جهود أمريكية بقيادة المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي، السفير مايك هامر، لترتيب لقاء على مستوى قمة إيغاد لحسم الموقف من إطلاق النار.

تتخذ الآن المساعي الدبلوماسية ثلاثة مسارات، الأول تقوده منظمة إيغاد ويركز حالياً على الشأن العسكري، ويهدف تحديداً إلى التوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار.

مسار ثانٍ، وهو منبر جدة وغالباً ما يُترك هذا المسار للمملكة العربية السعودية لتتعامل مع الشأن الإنساني، تحديداً الإغاثة والإعمار في مرحلة ما بعد الحرب.

السعودية التي تتبنى معها أمريكا رعاية محادثات جدة يمكنها أن تكون أكثر فائدة وعطاءً في هذا الملف من نواح مالية بعد أن أخفقت الجهود الدولية في توفير التمويل اللازم الذي وعدت به المنظومة الدولية في مؤتمر جنيف 19 يونيو/حزيران 2023، إذ لم تتجاوز محصلة الأموال التي جُمعت من المتبرعين 250 مليون دولار من جملة مليار ونصف مليون دولار وعدت الدول المشاركة في المؤتمر بتوفيرها للإغاثة والشأن الإنساني.

المسار الثالث يتعلق بالعملية السياسية التي ورد ذكرها فى بيان قمة إيغاد 8 ديسمبر/كانون الأول 2023 وخطاب الرئيس البرهان في القمة ذاتها، وهو المسار الذي يتولاه الاتحاد الإفريقي تحت مظلة ما عُرف بالآلية الموسعة التي تضم دول الترويكا (أمريكا وبريطانيا والنرويج) إضافةً إلى منظمات إقليمية ودولية ودول فى الإقليم الإفريقي وخارجه.

تواصلت الجهود في هذا الملف بتجميع عدد من منظمات المجتمع المدني السوداني بالخارج في جبهة موحدة وجرى تأسيس منبر لتلك المنظمات باسم (تقدم) في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استعداداً لتمثيل الجانب المدني في المفاوضات القادمة في جانب العملية السياسية، ولكن غياب مجموعات كبيرة من المجتمع المدني أضعف هذا الجسم الجديد ولم يعد مؤهلاً للتمثيل وحيداً لكل قطاعات المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات وغيره.

يتوقف نجاح واستمرار المسارات على تطورات الأوضاع في المعارك الدائرة حالياً في أرجاء البلاد، كما يتعلق بقدرة المجتمع الإفريقي والدولي على التدخل الحميد وإلزام الدعم السريع اتفاقياتِ جدة، ومن ثم قدرته على فرض وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم ابتدار عملية سياسية تفضي إلى سلام شامل في البلاد بنموذج اتفاق نيفاشا بين الشمال والجنوب الموقّع في عام 2005.

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.